المسرح والطاعون...... حديث قد تكرر!!!
المسرح تفاعل انساني اجتماعي سياسي ,فهو يمر بمراحل عدة ,ويتطور كما يتطور المجتمع وبحسب جغرافيته وثقافته وافكاره.فهو يتغير ويتكون وفق الظروف السياسية والاجتماعية وحتى الطبيعية,ففي تاريخ المسرح العالمي تلاحظ الادلجة وتغير الطرح المسرحي منذ النشأة الاغريقية (في طقوس العبادة والقرابين ) وسيطرة الكهنة على الخطاب الفني والثقافي وقد يكون اعدام سقراط جزء من هذه السياسة في السيطرة على الوعي الجماهيري ... وعند انتقالنا الى التجربة التي مر بها المسرح الروماني نلاحظ انه مسرح تعبوي جماهيري يخدم الحركة الحربية العسكرية في ذلك الوقت فقد كانت تقدم العروض المسرحية الماجنة التي هي عبارة ابعاد الوعي الجماهيري في قيادة الامبراطورية فكان يوجه المسرح نحو الغرائز الانسانية البعيدة عن الفكر والتنوير وهنا ظهرت لنا كوميديا الفارس مثلا,وهكذا يستمر تغير الطرح الفني وفق الحاجة الاجتماعية التي قد تكون راضخة للسيطرة السياسية ففي حكم الكنيسة اتخذوا من المسرح منبرا للتعاليم الدينية بعد ان كان المسرح جزء من المحرمات . والاكثر وضوحا في حركة تغير الخطاب والطرح المسرحي مرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى , هذه الحرب التي خلفت ركام وفوضى اجتماعية في عدد من البلدان الاوربية وهذه الفوضى والدمار تركت اثرا كبيرا في طبيعة الفن عموما فقد ظهرت مدارس فكرية وفنية كثيرة في تلك الفترة مثل
الدادائية والسريالية وغيرها من المدارس والاتجاهات الفكرية والفنية .
اما الحرب العالمية الثانية ,فقد اتضحت التجربة فيها اكثر ,تبعا للفترة الزمنية التي استمرت فيها هذه الحرب ,فضلا عن انتشار العنف والقمع وغزارت الدمار.ففي عام 1933م القى انطوان ارتو محاضرة عنوانها (المسرح والطاعون)وقد كتبت الصحفية الامريكية (اناييس نن)ان ارتو كان يتناول موضوعا مفاده(ان الانسان يظهر التطور الفني بعد ان يذوق سياط الخوف.ففي الفترة التي انتشر فيها الطاعون ظهرت اعمال فنية رائعة ) لكن بعد الهدؤ التدريجي الذي عم البلاد,بداء المسرح بانتاج اتجاهات فكرية وفلسفية وشهد تطورا علميا وتقنيا.
وقد كان ارتو محقا ففي حوار لصومائيل بيكت عن سيرته الشخصية*الاجنحة الحزينة*الذي نشر عن اربعة ادباء ايرلنديين يقول(اننا كنا عبارة عن متسكعين لا نعرف هم ابدا,حتى ان نشبت الحرب بدأنا نكتب في همومنا)
هكذا قد تكون مسيرة المسرح في اشكاليات الادلجة السلطوية ففي السياط والجلد تظهر لنا روائع الاعمال الفنية
ولو اتخذنا بعض نصوص مسرح ما بعد الحربين الاولى والثانية لوجدنا فيها الكثير مما يلامس الواقع الانساني والهم الكوني الذي يتطابق كليا مع اساطير وحقائق وتجارب العالم اكمل فما كودو الا هم كوني عالمي انساني او ثغرت يونسكو التي تبحث عن مخرج تخلص الوصوليين منه,هكذا بكل بساطة يبدو كل شيء تافه لا قيمة له ولا نفع في عالم مكتض بالصراعات والنزعات والاتجاهات ,وفي نفس الوقت هو عالمنا المثالي الذي نبحر فيه في عوالم اللغة وعوالم النص وابعاده .
هكذا اشعر كل شيء مباح في متسع التأمل لجبهات الحرب و ولاداتها العسيرة