الحمد لله النور والصلاة على نبيه وآله المشرقون بنوره:
الحمد والتسبيح لله النور رب العالمين : الأول والآخر والظاهر والباطن ، والعليم القدير الحي القيوم ، والهادي المهيمن الرحمن الرحيم ، نور الأنوار الحق البرهان المبيّن ، المنير نور السماوات والأرض وما فيهن وما بينهن من التكوين ، خلق الخلائق بالحق وهداهم لغايتهم أجمعين ، فدبر أمرهم بالعدل والإحسان والفضل المبين ، والشكر له تعالى على نعمه التي سخرها لعبادة حتى كانت لا تحصى ، وأخص أفضلها وأتمها تعريفنا الأنبياء وبالخصوص خاتمهم وآله أئمة الهدى ، الذين خلقهم ومدهم بنوره حتى أشرق على كل شيء مطيع له ، وجعلنا نتقبله منهم علم دين ونتولاه بود فنخلص له عبادته ، فيتنور وجودنا ومحيطنا بمدده وأذنه ونبقى متصلين بنور رحمته وهداه وعبوديته ونعمته ، وبكل فخر وعز وسعادة وحبور وبفضله ومننه نسكن للأبد في النور بجنته .
فصلاة الله وملائكته والناس أجمعين وسلامه على نبينا نبي الرحمة محمد الأمين ،السراج المنير البشير النذير خير البشر وخاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين الكرام الماجدين ،أئمة الحق وفخر الوجود وعز التكوين،ناشري راية الهدى وأبواب الإيمان للمؤمنين ، وأمناء الرحمان وأئمة النور والهدى لكل الطيبين والخيرين، جعلنا الله منهم ومعهم ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( حسين مني وأنا من حسين )
يا طيب : لقد أنزل الله تعالى أحسن تعاليمه ونور هداه على خاتم رسله وأشرف أنبياءه ، فجعلنا مكرمين بخير دين ، وبكل فضل وإحسان أنزله رب العالمين ، وحفظ دينه بأئمة الحق والهدى نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، وبهم علمنا تعاليمه وعرفنا عبوديته وطاعته ، وعصمنا بهم عن الضلال المظلم وعن غضبه و نقمته .
والله عزّ وجلّ شأنه وتعالت حكمته : جعل لنا مجالس فكر ومنبر ذكر لإمام حق ، غذته يد الرحمة ورضع من ثدي الإيمان وربي في حجر الإسلام ، مستنقذ العباد من الضلالة وحيرة الجهالة ، نقتدي به ونتعلم منه معالم ديننا ومعارفه ، فلا تجد مدينة فيها طيبون إلا ولسبط النبي الإمام الحسين بن علي صلى الله عليهم سلم فيها ذكرى تتجدد في كل حين : تُعلمنا مبادئ ديننا وكل أصوله وفروعه ، وتُرسخه في نفوسنا إيماننا وعقيدة ، وتحثنا على إطاعة الله والإخلاص له، وترشدنا لنور الله عند أئمة الحق والهدى المنعم عليهم ، الَّذين من أراد الله بدأ بهم ومن وحده قبل عنهم ومن قصده توجه بهم ، فيجب على المؤمنين إطاعتهم عن حب وودّ لمعرفة نور هدى الله بصراط مستقيم ، وب2ه يصلوا بحق لدائم النعيم ، والابتعاد عن ظلام وجهل أعداءهم أئمة الكفر والضلال وأتباعهم الظالمين.
ويا طيب : هذا مجموعة أجزاء باسم ( صحيفة الإمام الحسين عليه السلام ) هي أحد مجموعات الكتب من موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين عليهم السلام ، وفيها بيان ما تيسر لنا من معرفة الإمام الحسين عليه السلام وضرورة الإقتداء به والتعلم والتأسي بسيرته وثورته وأحاديثه الشريفة ، وما أشرق علينا من نور دروس الهدى والموعظة ، والعبر التي تُحققنا إن شاء الله بنور الله تعالى ، فتكون بحق للمخلص بها لله الدين ، قد نال نور رضاه وخرج من الظلمات ، إلى نور الأبد في ملكوت الرب بل في جبروته .
وأسأل الله : أن يجعلها مصداق حق تبيّن لنا معرفة : إن الحسين من نبينا ونبينا من الحسين ،صلى الله عليهم وسلم أجمعين ، وأسأله أن يوفقنا لإتمامها وإكمالها بما يحب ويرضى خالصاً لوجهه الكريم ، ويجعلها لي ولوالدي ولأخواني المؤمنين ولكل الطيبين نوراً وعزاً وذخراً وفخراً ، فينفعنا به في الدنيا والآخرة ويأجرنا بفضله بأحسن جزاء الصالحين إنه ولي التوفيق الكريم .
الإيمان والعمل والإقتداء بما في صحيفة الإمام الحسين:
يا طيب : إن ما في هذه الصحيفة هو شرح وبيان لما أؤمن به كدين وعقيدة أحاسب عليها أمام رب العالمين ، وأسأل الله أن تكون بها نجاتي وفوزي وفلاحي بحبي للحسين وآل الحسين صلى الله عليهم وسلم ، فضلاً عن التعلم منهم وإطاعتهم بما مكنني به ربي وهداني له ، وأسأله الصواب والتوفيق لإتمامها متعبدا له في بيان ما فيها من معارف نوره المشرق من الحسين وآله الكرام .
وأما تقسيم كتاب صحيفة الإمام الحسين عليه السلام فهو في عدة أجزاء ، وفي الأجزاء أبواب تختص بفترات من أدوار مراتب وجود نور الإمام وآله الكرام في مراتب الوجود ونور هداهم ، وبالخصوص سيرته وسلوكه وتعاليمه ومنهجه الكريم المشرق في الأرض على المؤمنين .
وفي كل باب يتقدمه مصباح تشرق منه أنوار تختص ببيان وجداني وعقلي علمي في الغالب وإن دُعم بالنقل، لأنه أساسه القرآن والحديث النبوي الشريف وسيرة الإمام الحسين وآله عليهم السلام ، فيُعرفنا هدى الله تعالى ودينه وما يمكن ذكره والحديث عنه من نور وجود الإمام الحسين وآله الطيبين الطاهرين وتعاليمهم ومعارفهم التي هي حقيقة الدين وبها يتحقق المخلصون لله بمدد نوره في الدارين ، ويكونوا في حقيقة رضاه الآن ويوم الدين .
كما ونجعل في كل باب بعد المصباح ، سفينة نجاة فيها مجلس أو مجالس ذكر تختص ببيان أحاديث سيرة الإمام الحسين ومعارفه وهداه وما يجب أن نذكره للمؤمنين من معارف الدين ، وبالخصوص من تعاليمه المباركة لكي نقتدي ونتأس به في كل حين ونصل بها لولايته وهداه ، بل لنتيقن ولاية آله الكرام وإمامتهم في كل تأريخ الدين ، فنخلص لله رب العالمين بدينهم الحق ومن غير خلط لضلال أعدائهم المظلمين ، فيتنور وجودنا ومحيطنا بل نكون منيرين .
وهذا التقسيم للأبواب : مصباح هدى فيه أنوار ، و سفينة نجاة فيها مجالس للذكر ، وقد تشرق من كل نور وذكر قبسات لأشعة النور ، هو مقتبس من حديث شريف فيه تعليم كريم عرفنا به جد الحسين أشرف الأنبياء والمرسلين ، وكان قد ذكر فيه شيء من مقام وشأن سبطه الشهيد أبو عبد الله الحسين عليه السلام ، والحديث عن الصدوق بالإسناد :
عن الإمام الحسين بن علي عليهم السلام قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أُبي بن كعب، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وآله:
( مرحباً بك يا أبا عبد الله يا زين السماوات والأرضين .
فقال له أُبي : وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرضين أحد غيرك ؟
فقال : يا أُبي والذي بعثني بالحق نبيا
إن ذكر الحسين بن علي في السماء أكبر منه في الأرض.
فأنه لمكتوب عن يمين عرش الله :
مصباح هدى وسفينة نجاة
وإمام غير وهن وعز وفخر وبحر علم وذخر . وإن الله عز وجل ركب في صلبه نطفة طيبة مباركة زكية .. )[1].
ولذا قسمنا الصحيفة إلى أبواب في كل باب مصباح هدى تشرق منه أنوارا تتقدم الباب ، ثم ندخل في سفينة نجاة فيها مجالس لذكر الحسين عليه السلام بل أذكارا ، تذكرنا الدين وتعاليمه وتحدثنا عن معارف الإمام الحسين وهداه المشرق نوره من وجوده وحديثه وسيرته وسلوكه ومن شأنه العظيم ومقامه الرفيع ، وإخلاصه وتفانيه في طاعة الله وعبوديته لكي نقتدي ونتأسى به .
فيكون التشبيه : حقيقية بأن الناس في خضم أمواج الدنيا ومشاكلها وكل مصائبها وما فيها من مكر أئمة الضلال ، يوجد عندنا صُحف هدى الله يفتحها باب نور مصباح الولي لنور الله المخلص في نشر نور دينه القيم والإشراق به ، وهي تختص بمن يجلس في مجالس ذكرها ويتزين بها في مجالسه بعد أن يجذبه لها نور مصباحها ويعلمه حقائق وأصول ما فيها ، فيزين بها روحه وكل وجوده ، فيسير في ركب الإمام الحسين وتعاليمه التي يشرق بها نور سيرته وكل معارف هداه في نهضته وثورته ، والذي يدلنا على نور الله وهداه الخالص من كل ضلال وظلام لأئمة الكفر وأتباعهم أو وسوسة شيطان وزينة دنيا وهوى نفس تبعد بظلام ضلالها عن الله تعالى . فيتنور بحق المؤمن والطالب لنور الله بكل وجوده بنور الإمام الحسين وهداه ، وينجى من كل فتنه وابتلاء وظلم وضلال فيخرج من الظلام ، فيسكن بحق في نور نعيم رضا الله وبصراط مستقيم وأمن وسلام ، فلذا تكون أنوار بحوث هذه الصحيفة للإمام الحسين في أجزاء كريمة هي في:
ملخص يعرفنا أجزاء صحيفة الإمام الحسين عليه السلام:
الجزء الأول : نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه :
وفيه بيان :ينورنا معرفة حق بأن الإنسان بطبيعة فطرته وخلقته يطلب الكمال والمجد من الله تعالى ، ليتنعم بنوره بالعدل والإنصاف حسب استحقاقه ، فيسعى العاقل لطلب وتحصيل كل ما يوصله لنور السعادة من الهدى ومعارفه التي فيها صلاحه وتعرفه عظمة ربه ليشكره ، ولما كان لا يمكن الوصول لها إلى من خلال معرفة رسله فيطلبه منهم ، وحين يعرف إن الله ختم دينه يطلبه من أئمة الحق والهدى المصطفين الأخيار الذين خصهم الله تعالى بالحفاظ على دينه الحق .
ولما كان الناس : يختلفون في معرفة الحق وتعريفه وكلا منهم يدعيه ، جعل الله تعالى لهم منارا ينير نور الهدى لكل من يطلب هداه وحقيقة دينه ، وهو الإمام الحسين عليه السلام الذي عرّف هدى الله الحق عنده وعند آله الكرام ، حتى أقام حجة الله التامة على كل العباد وعرفهم بنوره المشرق بكل مكان من مجالس ذكره حقيقة نور أئمة الحق كلهم ، وهداهم الذي يجب أن يتنور بعبوديته المؤمنين فيخلصوا له ، ويتصلوا بمدد نوره بحق فيطيب وجودهم به .
ولنعرف يا طيب : هذا نذكر في هذا الجزء نور الفطرة وما تطلبه من الكمال من أئمة الحق بفضل ما نعرفه من ضرورة الانتساب للإمام الحسين عليه السلام بعدما نعرفه باسمه وحقيقة معناه وشأنه الكريم فننتسب له ، ثم ندخل في بحث نور الله المشرق منه ومن آله نور وجود في كل مراتبه ونور هدى لكل العباد ، من خلال شرح آيات النور المشرق من رجال البيوت المرفوعة بذكر الله ، فنتعلم بنص كتاب الله في باب آخر حقيقة العقل ونوره ومدده الواجب على المؤمنين التحقق به ، وكل هذه البحوث إن شاء الله نسلك بها من أحاديث الإمام الحسين ثم أحاديث آله حتى نؤيد ما نشرحه من البيان لهذا النور الواصل من الله لعباده ، وبما يواجهنا من نور الحسين المشرق منه والمعرف لنور آله الكرام وهداهم المشرق للطالبين والمتحقق به المؤمنون ، وقد تنورت به العقول الطيبة .
فالجزء الثاني : تطيب بنور ولاية الحسين لتخرج من الظلمات :
يا طيب : في هذا الجزء بعد المعرفة العلمية الواجب التحقق بها من نور هدى الله المشرق من الإمام الحسين وآله ، والواجب على كل العباد التطيب بها تحققا علميا ، نذكر في هذا الجزء ضرورة التحقق العملي ، والتطبيق لهذا العلم المنير الذي يُعرفه الإمام الحسين وآله ، فنعرف نور الهدى بمرتبته العملية الفعلية التشريفية الواجب على العباد الظهور بها كلها ، ومن خلال باب يعرفنا نور هدى العبادات والمعاملات وكل حلال طيب يجب التحقق به ، ثم نؤكد هذا الباب بباب آخر يعرفنا ضرورة تولي هذا النور بكل ود ومحبة وإخلاص ، وإنه يجب من غير خلط له بغيره أبدا ، لأنه كل شيء يُعلم ويطاع به من غير هدى الحسين وآله عليهم الصلاة والسلام فهو ظلام متراكم .
وبهذا التولي الخالص الحق للمعرفة العلمية والعملية التطبيقية نخرج إن شاء الله وبإذنه من كل الظلمات للنور التام حتى نسكن فيه مطمئنين بفضل الله .
والجزء الثالث: أتصل بنور الحسين لتسكن في نور الله أبدا:
يا طيب : في هذا الجزء تؤكد ما عرفنا ونعرف معنى أخر كريم من معارف ضرورة تولي نور الله ووده بشكل علمي وعملي حق ، كان قد ظهر به الحسين وآله الكرام في مواقف كريمة لهم ، بحيث نعرف معاني عظمية ومعرفة نورانية كبرى في مدد نور الله لآل الحسين عليهم السلام ، وبالصلاة عليهم وضرورة الاتصال بهم لنتحقق بنوره تعالى فنسكن فيه ، كما كان الحسين وآله وكل من تولاهم قد سكن بنور الله وتحقق به بكل وجودهم في الدنيا والآخرة.
ولذا سيكون في هذا الجزء : باب يعرفنا نور الصلاة على نبينا وآله وفضلها المنير المحقق بالنور لكل متصل بها وآخذ منها علما وعملا ، ونؤكد معناه بباب آخر فيه معارف قيمة من نور السكينة الذي تحقق به الإمام الحسين وآله بحق ، فظهر به جده وأبيه وآله في كل أحوالهم وبالخصوص في أشد الظروف .
حتى يأتي الباب الأخير : وفيه معنى كريم كبير لحقيقة النور ، وهو نور الله المشرق في كل مراتب الوجود ، والمحقق للوجود الطيب الكريم الشريف الماجد بالنور بكل مرتبة وحسب كل موجود وشأنه ، فنعرف نور الله تكوينا بشكل علمي وعملي ظهر في أولياء نوره والكائنات كلها بدا وعود ، نزولا وصعودا .
فنذكر في هذا الباب معارف نور الكائنات بنص آيات كريمة وأحاديث شريف تعرفنا نور الوجود، بل إن شاء الله نورنا الذي نسكن فيه أبدا بكل حبور وفرح وسرور ومرح مع الحور العين والمخلدين بالنعيم ، ومع كل المؤمنين الخيرين الطيبين ، وفي أعلا مقام يتحقق بنور الله وكرامته ومجده وشرفه وعزه العباد الصالحين الطاهرين من الشهداء والصديقين والأنبياء والمرسلين ، فنحف بنبي الرحمة جد الحسين وآله في نور عرش الرحمان تحت لواء الحمد وفي المقام المحمود في كرامة رب العالمين وشكره ورضاه لعباده المتصلين بنوره ، المشرق من جد الحسين ومن آله بعده ، والذي يواجه العباد حقيقة نوره الصادق المعرف لكل نور الله من الإمام الحسين عليه السلام ، وبه تتم لنا إن شاء الله المعرفة النورانية لشأن الحسين وآله فنسكن في نور سر مجدهم ونعيم هداهم.
الجزء الرابع : فهذا نور الحسين بن علي في مولده وحياته :
وفيه نعرف فضائل عامة عن الإمام الحسين من معرفة إمامته وولادته وحياته في صباه مع جده رسول الله وأبيه وأخيه ، وما عرف الله ونبي الرحمة من شأنه وفضله حتى يوم تصديه وظهور إمامته بعد أخيه عليه السلام .
و الجزء الخامس: وهذا نور نهضة الحسين لإحياء المؤمنين :
فنعرف به الإمام الحسين من يوم مسيره من المدينة المنور لكربلاء حتى شهادته ، فنعرف معاني كريمة عن نور نهضته وثورته وما أشرق من نور هداه بحديثه وسيرته وسلوكه في هذه الفترة الكريمة من ظهور نور إمامته .
والجزء السادس : وهذا نور زيارة الحسين وآثاره الكريمة :
فنذكر في هذا الجزء نور آثاره الباقية سواء في زيارته وفضلها وثوابها وضرورة التمسك بها ، ونتعرف على حديثه وبعض أبوب معارفه ، وكما نذكر إن شاء الله آثار وجوده الكريم على عباد الله والمتأثرين به وثورة من طلب بثأره والأحداث بعده من ثورة التوابين والمختار وغيرها ، وأقول العلماء فيه ، ولذا قد يتعدى البحث لجزء سابع أو أكثر .
نور الإمام الحسين سر تمجيده والانتساب إليه :
عرفت يا طيب : إنه لما كانت معرفة الله سبحانه مقترنة بمعرفة الهداة لدينه والمشرقون بنور تعاليمه ، كان هذا الجزء كما عرفت يختص بتعريف مختصر لأئمة الحق والهدى ، ودور الإمام الحسين عليه السلام في كشف الظلام وإنارة الوجود ، وتوجيهنا لنور الله وهداه عند آله آل جده نبي الرحمة محمد وأبيه علي وأخيه الحسن وكل المعصومين من ذريته صلى الله عليهم وسلم ، والذين اصطفاهم الله أئمة حق وهدى لدينه وقرن هداهم بهداه وطاعتهم بإطاعته وذكرهم بذكره ، وبهذا نتعرف على سر تمجيد الإمام الحسين عليه السلام وتخصيصه بالذكر في مجالس تعلمنا دين الله وهداه وأولياء نوره ، أئمة الحق والدعاة الصادقين له تعالى من آل الحسين آل رسول الله الكرام صلى الله عليهم وسلم .
ثم نسير بيقين في معرفة الإمام الحسين عليه السلام فندخل في الباب الأول لنتعرف على أسمه ونسبه الشريف وألقابه وكناه ، فننتسب إليه بكل وجودنا عن علم بعلو شأنه الكريم ويقين بمقامه العظيم عند الله .
وبعد هذا ندخل في تأريخ الإمام الحسين عليه السلام فنبدأ بذكر وجوده الأول في الملأ الأعلى مختصرا كمقدمة حتى يأتي التعريف الكامل ، وهو يبدأ من ظهور وتجلي نور الله في المخلوق الأول نور جد الحسين ثم أبيه وأخيه وعنده وعند كل آله الكرام وكل الوجود وبالخصوص أولياءهم المقتبسون نور الله منهم ، فنتعرف على مراتب تجلي وظهور نور الله في الوجود وعظيم شأنه ، فتكون لنا بإذن الله معرفة تنور وجودنا في ضرورة تمجيد الإمام الحسين عليه السلام والانتساب إليه بكل بوجودنا وصفاتنا وأخلاقنا وأفعالنا حتى نكون منهم ومعهم في نور نعيم الله ورضوانه .
فنذكر مصباح هدى تشرق منه أنوار : تعرفنا معنى نور الله ومراتب تجليه من عالم الغيب حتى عالم الشهادة ، وكيف نرجع ونترقى في ملكوت عوالم النور على صراط مستقيم ، ونركز به على دور الإمام الحسين عليه السلام في إشراقه بنور الله على كل طالب بحق وصدق لنوره وهداه وخالص عبوديته .
وبعده ندخل سفينة الإمام الحسين عليه السلام : فنعقد مجالس بعده باب يعرفنا حقيقة نور الله المشرق من الإمام الحسين وآله صلاة الله وسلامه عليهم ، وفيها أذكار تذكرنا وتعلمنا ضرورة التوجه لنور الله والتحقق به من مصدر إشراقه ، حتى تمنحنا اليقين وترسخ فينا الإيمان بأن نور الله عند نبي الرحمة وآله الكرام ، ولا نور لعبادة وطاعة لم يقتبس منهم ، ولا عبودية لله لم تكن وفق هدى صراطهم المستقيم ، فينكشف لك ظلام أعداءهم وكل أتباع أئمة الكفر والنفاق على طول الزمان وفي كل مكان .
وهذه المعارف : في هذا الجزء والأجزاء الآتية ، وإن كان يعقدها كرام قومنا في الغالب في مباحث أصول الدين من التوحيد أو كيفية الخلق والتكوين أو البحوث التي تتعلق بالمبدأ والمعاد أو في حكمة الإشراق وفلسفته ، بل قد يقال أنها تناسب النبوة من أصول الدين ، أو تعقد في بحث تأريخ نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم جد الحسين وأصل نوره وهداه وهو النور الأول المخلوق لله تعالى كما هو الحق .
فأقول : نعم وإن كان نبينا وآله الكرام كلهم نور واحد مخلوق لله ونور جده وأبيه وأخيه شأنه أعظم ، لكن نور الإمام الحسين عليه السلام مأمور به كل طالب لنور الله تعالى ، بل هو النور الأول المواجه لكل طالب لنور الحق والهدى ، وبه يعرف أولياء نور الله ومصدر إشراق ذكره الصافي سبحانه ، ودليل نور الله وكل تعاليمه وطاعته وخالص عبوديته ، كما أنه عليه السلام كشف بمجالس ذكره كل ظلام لأعدائهم في كل زمان ومكان ، وذلك بمجرد التوجه لنهضة وتضحيته وإيثاره وأحاديثه الشريفة وسيرته الطاهرة ، وبه تعرف كيف حرف الظالمة وأئمة الكفر الناس عن معارف الله الحقة وهداه الصادق ، إلا من نجى بركوبه في سفينة الإمام الحسين وتنور من صباح نوره فعرف ولايته وآله وأخلص لله بدينهم الحق .
فلذا كان البحث في هذه التعاليم والمعارف الإلهية يناسبها صحيفة الإمام الحسين عليه السلام , وبها تعرف وتتيقن في الجزء الأول أن نوره عليه السلام سر تمجيده والانتساب إليه ، وما ثورته ونهضته ومجالس ذكره وتعاليمه إلا وهي إشراقا من نوره عليه السلام ، وهي برهان ودليل لكل نور الله عند آله الكرام ، وبيان وشرح لنور كل علم وتعليم لكل طاعة وعبودية لله تعالى بإخلاص وخلاص من كل ظلام داخلي أو خارجي لغير منهجهم الكريم .
وبهذا يا طيب : نعرف سر تمجيد أئمة الحق وبالخصوص الإمام الحسين عليه السلام ونجعله في تمهيد لكل صحيفة الإمام الحسين ، فيعرفنا شيء من شأنه العظيم وشيء من سبب الإقتداء والتأسي به وبآله كلهم عليهم السلام ، ثم نترقى في المعرفة برفق في انتسابنا إليهم ، فندخل في نوره مهتدين على صراط مستقيم لكل نور الله المشرق من أئمة الحق والهدى ، وهذا سبيلنا إن شاء الله في جميع أجزاء الكتاب الذي يدلنا ويعرفنا عليه الإمام الحسين عليه السلام بسيرته وأحاديثه ونهضته المباركة وكتاب الله المنير وأحاديث سيد المرسلين وآله الكرام.
واهدي صحيفة الإمام الحسين عليه السلام بكل أجزاءها بل كل موسوعة صحف الطيبين لسيدي ومولاي وإمام زماني : صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى ، الطالب بدم المقتول بكربلاء ، والمنصور على من اعتدى عليه وافترى ، الإمام المهدي الحجة بن الحسن العسكري صلى الله عليهم وسلم ، فيا أيها العزيز المُضطرّ الذي يُجاب إذا دعا ، أناجيك وأرجوك تقبله مني واجعلني في ولايتك وحزبك في الدنيا والآخرة ، وأشهد لي وزكيني عند ربي بالإيمان والطاعة لكم وبإخلاص العبودية له سبحانه وتعالى وحده لا شريك له ، فإنك ولي الله.
وأسأل الله أن يوفقنا لتمامها بما يحب ويرضى ويجعلها عملا خالصا لوجهه الكريم بحق نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين ، ويجعلنا معهم متنعمين بهدى نوره المشرق منهم في للسلوك على صراطه المستقيم والكون معهم في أعلى مراتب نور عظمته ورحمته ، وهو أرحم الراحمين ورحم الله من قال آمين يا رب العالمين .
الهي بالحسين وجده وأبيه وأمه وأخيه والمعصومين من بنيه اجعلني وكل ناشر لهداهم وقراءه ومطبقيه من الموالين والمحبين لهم بحق ومن أصحابهم وأنصارهم الطيبين الخيرين الطاهرين ومحققين بكل نور هدى ونعيم خصصتهم به إنك أرحم الراحمين
أختكم في نور الإيمان بالله ورسوله وبكل ما أوجبه تعالى
فدك الزهراء
الأربعاء ديسمبر 31, 2014 11:23 pm من طرف 
موضوع: مقدمه 
